كلية الهندسةمواضيع ومسائل هامة تتعلق بالهندسة المدنية والمعمارية والكهربائية والكيميائية والصناعية والكمبيوتر والميكانيكية والبناءوالميكاترونكس والاتصالات.
أهلا وسهلا بك في منتديات طلاب جامعة النجاح الوطنية
الضيف الكريم سلام الله عليك , ان المنتدي مكان لتبادل المنفعة ولكي نفيد ونستفيد .. من فضلك ساهم بقدر المستطاع واجعل دورك فعال بالمنتدي على الأقل قم بشكر الشخص الذي إستفدت من موضوعه .. نحن نعمل جميعاً على نشر الفائدة نرجو المشاركة في هذا العمل ولا تكتفي بالمشاهدة فقط ...
كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالتسجيل في المنتدى والاستفادة من مزايا العضوية وانشر مواضيعك ومشاركاتك، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب به.
إن هذا البحث المتواضع يأتي مساهماً مع الاتجاه الذي يبصّر القارئ الكريم بهذه المشكلة وفق تسلسل بسيط وسهل ومنطقي ، حيث تم تقسيم البحث إلى خمس فصول : تكفل الفصل الأول منه ببيان تعريف التلوث النفطي وماهيته ، مبيناً ما وصلت إليه هذه المشكلة من أبعاد وتفاقم وما هي أهم قضاياها، باعتبار أن فهم المشكلة هو بداية العلاج ، وكلما زادت معرفتنا بحجم المشكلة كلما زادت إرادتنا وعزمنا على التصدي لها ، ومن ثم إيجاد الحلول وابتكار الأساليب والوسائل العلاجية والوقائية منها. أما الفصل الثاني فتحدثنا فيه عن مصادر التلوث النفطي المتنوعة داعمين ذلك بالأمثلة الواقعية التي وللأسف تزداد يوماً بعد يوم . في حين يستعرض الفصل الثالث الآثار والأضرار الناتجة عن هذه المشكلة بمختلف أبعادها . بينما يتطرق الفصل الرابع وبإسهاب مريح إلى كيفية إزالة ومعالجة النفط المنسكب في المياه مبيناً الطرق المتعددة وأبرز وآخر التقنيات التي توصل إليها العالم في هذا المجال . وفي نهاية البحث طبعاً لا بد من ذكر بعض التوصيات التي توصلنا إليها في هذا البحث للوقاية من التلوث النفطي وتجنب وقوعه , وهذا ما سيراه القارئ في الفصل الخامس والأخير .
لقد شاءت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يجعل من الأرض محور الحياة الإنسانية في هذا النسق الكوني العظيم، فأمدها بجميع ما يحتاج إليه الإنسان من نبات وحيوان، وأدار الحياة على كرتنا الأرضية في تناسق وتوازن نكاد لا نجد لهما شبيها في هذا الكون.
وتجسدت المعجزة الإلهية الكبرى في تجدد الحياة في دورات متتابعة متكاملة مكنت الإنسان من الإفادة من الثروات الطبيعية الهائلة والتمتع بما في الأرض من مياه وغابات ومعادن وغيرها، ومن تطوير حضارات متقدمة أثرت الحياة البشرية وأتاحت لها فرصة الارتقاء بالجهد الإنساني لتحقيق التنمية والرفاه للملايين من سكان هذا العالم، وتحقيق التقارب بين أجزاء الكرة الأرضية بفضل التقدم في وسائل الاتصالات والمواصلات الحديثة.
وقد عمل الإنسان منذ وجوده على الأرض على استغلال مواردها الطبيعية لبناء الحضارة الإنسانية الحالية. إلا أن وتيرة استغلاله لهذه الموارد قد ازدادت بصورة مذهلة خلال القرون حتى بلغت ذروتها في القرن العشرين، فأفسدت قدرتها على التجدد التلقائي، وأخلت بالتوازن الطبيعي للحياة، وجعلت الأنشطة الإنمائية التي لم تضع الاعتبارات البيئية في حسبانها تسهم في إلحاق الضرر بالبيئة الطبيعية، وتثير القلق حول أهمية المحافظة على مقومات الحياة على الكرة الأرضية التي تتميز الموازين الطبيعية فيها بمنتهى الحساسية والضعف.
وقد أظهرت الكرة الأرضية مرونة مدهشة في مقاومة التغيرات البيئية التي طرأت عليها، بعد أن بدأت اليد البشرية تعبث بها من خلال النشاطات التي تمارس بشكل يومي على مستوى الدول من خلال برامج التسلح وإنتاج الطاقة والصناعة وغيرها، وعلى مستوى الأشخاص من خلال الإسراف باستعمال المواد والممارسات غير السليمة.
إن مشكلة التلوث البيئي ليست مشكلة جديدة أو طارئة بالنسبة للأرض، وإنما الجديد فيها هو زيادة شدة التلوث كماً وكيفاً في عصرنا الحاضر.
باتت مشكلة التلوث البيئي تؤرق فكر المصلحين والعلماء والعقلاء وتقض مضاجعهم، فبدءوا يدقون نواقيس الخطر ، ويدعون لوقف أو الحد من هذا التلوث الذي تتعرض له البيئة نتيجة للنهضة الصناعية والتقدم التكنولوجي في هذا العصر، فالتلوث مشكلة عالمية ،لا تعترف بالحدود السياسية لذلك حظيت باهتمام دولي ، لأنها فرضت نفسها فرضاً، ولأن التصدي لها يجاوز حدود وإمكانيات التحرك الفردي لمواجهة هذا الخطر المخيف . والحق أن الأخطار البيئية لا تقل خطراً عن النزاعات والحروب والأمراض الفتاكة إن لم تزد عليها. ومن تلوث البيئة أخذ الإنسان نفسه يعاني من المشاكل، ويذوق من ألوان العذاب بما قدمت يداه.
وقد أصاب التلوث كل عناصر البيئة المحيطة بالإنسان من ماء وهواء وغذاء وتربة ، وزادت الضجة المؤرقة والإشعاعات المؤذية , فالماء في البحار والأنهار أصبح ملوث في حدود كبيرة أو قليلة بالكيماويات والفضلات وبقايا النفط والمعادن الثقيلة ، بل وبالماء المستعمل نفسه ، والهواء في أغلب المناطق المأهولة اختلت فيه نسب الغازات المكونة له لصالح الضار منها بفعل آلات الاحتراق الداخلي في المصانع والسيارات مع تقلص المساحات الخضراء ، والغذاء وصل إليه التلوث عن طريق المبيدات والكيماويات الحافظة وغيرها من الإضافات الضارة ، والتربة أصابها التلوث بسبب بقايا المبيدات والأسمدة الكيماوية والمخلفات الغريبة والأملاح الزائدة , وصار التلوث الصوتي من لوازم العصر بعد زيادة الضوضاء والأصوات المستنكرة بمصادرها الحديثة المختلفة ، وظهر التلوث الإشعاعي نتيجة استخدام الذرة سواء في الحرب أو في السلم.
يعتبر التلوث البحري مشكلة بيئية عالمية تخص جميع دول العالم وذلك لأنها تشترك مع بعضها في الثروة البحرية وفي الموارد الطبيعية وفي الملاحة الدولية والسياحية وخاصة دول البحر الأبيض المتوسط الذي تحتل فيه الجمهورية العربية السورية موقعا إستراتيجيا بينها .
لقد حظي التلوث البحري بالنفط باهتمام الكثير من الباحثين في السنوات الأخيرة , وبخاصة بعد الكوارث الكبيرة التي تعرضت لها بعض المسطحات المائية , التي كان تسرب النفط أو انسكابه عرَضاً فيها هو السبب الرئيسي لها . ولعل ما حدث في الخليج العربي إبان حربي الخليج الأولى والثانية ليس ببعيد عن أذهاننا .
وتقدّر كميات التلوث البحري بالنفط بنحو 160000 مليون طن سنوياً , وهذه الكمية في تزايد بسبب التوسّع في عمليات التنقيب , ويعزى أكثر من 80 % من حوادث التلوث البحري بالنفط إلى تصرّفات تتسم غالباً بعدم المسؤولية أو التعمّد .
ولا تنفك شاشات التلفزيون وصفحات الصحف تنقل إلينا أخبار الطيور والأسماك التي قتلتها بقع الزيت لمجرّد وقوعها في حبائل هذه البقع التي تمتد أحياناً على مساحات واسعة جداً , وتنتقل من مكان لآخر لتصل إلى الشواطئ , حيث تقذف أجسام ضحاياها . ومن حسن الحظ أن هذه الأصناف من الكائنات الحية تستطيع بعد حين أن تعود للتكاثر بالصمود والنجاة والإكثار من الإنجاب .
لكن تبين بعض الأبحاث أن الأضرار أخفى من تلك المظاهر التي تعوّدناها , فبعض مكونات البترول سام , وبعضها يسبب السرطان , وهي تصمد في البيئة دون أن يعتريها أي تحلل أو تفكك مما يؤدي إلى انتشارها وبالتالي نشرها للمرض .
ويصعب التحكم في التلوث البحري أو منع انتشاره حيث أنه خطر عائم ومتحرك يتحكم فيه اتجاه الرياح و عوامل المد و الجزر و شدة الأمواج , وبذلك تصعب السيطرة عليه , حيث أن ملوّثات منطقةٍ ما تنتقل بعد فترة إلى مناطق أخرى إما مباشرة أو بطريقة غير مباشرة عن طريق الأسماك الملوثة. كما أن التلـوث بالنفط لا يوجب تلوث البحار ومن فيها أوعليها فقط، وإنمّا فوق ذلك بحيـث أن البخار يتصاعد نتيجة لأشعة الشمس، وتنـزل الأبخرة بصورة مطر وعلى شكل ضباب وما أشبه ذلك إلى الأرض والمحاصيل والإنسان والحيوان .
ومن الناحية التاريخية فإن دول العالم لم تعرف ظاهرة التلوث البحري بالنفط إلا قريباً , وذلك بعد استخدام البترول في أغراض حياتية كثيرة , وبعد أن أصبح أهم مصادر الطاقة . وربما كانت حادثة ناقلة النفط "توري كانيون" التي وقعت عام 1967 هي أول حادثة لفتت أنظار العالم إلى ضرورة الاهتمام بمشكلة التلوث البحري بالنفط .
1 – 1 : تركيب النفط وخواصّه :
قبل تفصيل الحديث عن الملوثات النفطية التي تتسرب إلى البيئة البحرية لا بد من إعطاء نبذة موجزة عن تركيب النفط ومكوناته .
النفط هو سائل أسود مائل للإخضرار ، ويتركب من خليط معقد من المواد الهيدروكربونية والتي تتركب أساساً من الكربون والهيدروجين . وتختلف الخواص الفيزيائية والكيميائية للنفط باختلاف أنواعه , فبعضه ثقيل ولزج ويحوي أعداداً كبيرة من ذرات الكربون , وبعضه الآخر خفيف يحوي أعداداً أقل نسبياً من ذرات الكربون , كما أن نسبة الكبريت فيه تختلف من نوع لآخر , وإضافة إلى الجزيئات الهيدروكربونية يوجد في النفط كثير من الشوائب كالماء والأملاح ومركّبات الأحماض والكبريت , وهي الأخرى تختلف نسبتها من نوع إلى آخر .
1 – 1 – 1 : أهم مكونات النفط و المواد المضافة إليه :
1) المركبات البرافينية وهي مثل( الميثان و البروبان و البوتان) .
2) المركبات الحلقية وتنقسم إلى:
النفتينات وهي مثل البنتان الحلقي (5 ذرات كربون) و الهكسان الحلقي (6 ذرات كربون).
المركبات الأوليفينية وهي مثل الإثيلين و البروبلين و البيوتيلين .
3) مركبات أخرى خلاف الهيدروكربونات تحتوي جزيئاتها على ذرات عناصر الأكسجين أو النتروجين أو الكبريت وهي لاتزيد عادة عن 5 % من وزن الخام .
4) الفلزات أو المعادن الثقيلة كالنيكل و الفانديوم .
5) رابع إثيلات الرصاص الذي يضاف عند التكرير لتحسين نوعية البنزين و ينتج عنها الرصاص الذي يعتبر فلز سام وملوث خطر جداً .
ويحتوي مزيج هذه المجموعات على مركبات كيميائية عديدة تختلف بشكل متفاوت في خصائصها الفيزيائية كالكثافة النوعية ودرجة الغليان واللزوجة وغير ذلك , كما تختلف في تركيبها الكيميائي , حيث تغطي هذه المركبات مدى واسع من الأوزان الجزيئية يتراوح بين 16 و 20000 وتتفاعل هذه المواد بشكل متفاوت , فبعضها يذوب في الماء , وبعضها يتبخر من على سطح الماء , وبعضها يترسب في الأعماق .
الفصل الثاني : أسباب ومصادر التلوث البحري بالنفط :
يزداد تلوث مياه البحار والمحيطات بازدياد ناقلات النفط عددا وحجما. ويتم تلوث مياه البحار والمحيطات والأنهار بسبب غرق ناقلات النفط كما حدث عندما غرقت سفينة "توري كانيون" في بحر المانش عام 1967 وتسرب منها 117 ألف طن من النفط الخام إلى البحر. كما تقوم كثير من السفن بغسل صهاريجها وتفريغها في البحر. كما تحدث عملية تلوث مياه البحار عند استغلال أبار النفط الموجودة في البحار, مثال ذلك عندما تسرب النفط من حقل نورووز الإيراني عام 1983 ولوث مياه الخليج العربي, بالإضافة إلى تلوث مياه الخليج العربي مرة أخرى في حرب الخليج عام 1991. وتتميز مركبات النفط بانتشارها السريع على سطح الماء, وتكوين طبقة رقيقة يتراوح سمكها بين أجزاء الميكرون وحتى 2 سم. وتقوم هذه الطبقة بعزل المياه عن الهواء وبذلك تمنع التبادل الغازي بينهما, هذا ويغطي طن واحد من النفط دائرة يصل قطرها إلى 12 كم.
ومن أسباب تلوث مياه البحار أيضاً بزيت البترول تدفقه أثناء عمليات البحث والتنقيب عنه ، كما حدث في شواطئ كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية في نهاية الستينيات ، وتكون نتيجة لذلك بقعة زيت كبيرة الحجم قدر طولها بثمانمائة ميل على مياه المحيط الهادي ، وأدى ذلك إلى موت أعداد لا تحصى من طيور البحر ومن الدرافيل والأسماك والكائنات البحرية نتيجة للتلوث .
وعادة ما يتسرّب النفط إلى البيئة البحرية إما بطريقة لا إرادية (غير متعمدة) أو بطريقة متعمدة . ولعلنا نجمل مصادر النفط التي تسهم في تلويث البيئة البحرية ( وذلك حسب أهميتها وتكرار حدوثها ) فيما يلي :
1) حوادث إنفجار وغرق ناقلات النفط .
2) حوادث إنفجار الآبار النفطية البحرية .
3) حوادث الخلل في عمليتي الشحن والتفريغ .
4) مياه الموازنة .
5) مخلفات سفن الشحن والناقلات ومنصّات النفط .
6) عمليات التنقيب عن البترول في البحار .
7) البترول المتسرب من أنابيب البترول الساحلية أو البحرية .
8) البترول المتسرب من معامل التكرير الموجودة على السواحل البحرية .
9) مصانع البتروكيماويات الموجودة على شواطئ البحار .
10) التسرب الطبيعي للنفط من قيعان البحار والمحيطات .
11) الهجوم على المنشآت النفطية وناقلات النفط أثناء العمليات الحربية .
12) الإنتاج البحري للزيت .
13) النفايات الصناعية ونفايات المدن .
14) المياه المنسابة من الأنهار أو مياه المجاري التي تصب في البحار .
15) السقوط الجوي للهيدروكربونات البترولية الموجودة في الهواء .
وسنتناول في القسم التالي بالتفصيل والأمثلة أهم هذه المصادر .